كلما تساقطت ندف الثلج على قمم جبال وتلال المغرب واشتد البرد على من يأوون إليها، تتوالى المبادرات الإنسانية للتخفيف عليهم هناك حيث تعزلهم الثلوج بعيدا عن الأراضي الواطئة التي يعتقد البعض أنها تحنو على الجميع، لكنها تقسو بكل عنف على كثيرين مثل الرحل التائهين في العراء.
هذه الفكرة تملكت شباب جمعية « Verde Passione » (الشغف الأخضر) الرجاوية، وجعلتهم يتفردون في مبادرتهم لنسخة 2021، عن الغير وقد التفتوا إلى المغاربة الرحل المتاخمين لمسارات سياح كانوا يجوبون الدروب الناتئة في إقليم الراشيدية وصحاري مرزوكة قبل أن تحبسهم جائحة « كورونا » عن زيارة المنطقة وتحبس معها عطايا تتمثل في ملابس كان يحصل عليها هؤلاء الرحل من السياح لتقيهم القر على مدار العام.
وأطلق منضوون في الجمعية التي يدينون فيها بحبهم لنادي الرجاء الرياضي، قافلة تضامنية استهدفت إقليم الراشيدية عابرين مرزوكة وإقليم ميدلت، جرى خلالها تقديم ملابس وأطعمة لفائدة الرحل المنتشرين في الأرض القاحلة، مع الحرص على منح هدايا للصغار عبارة عن ألبسة رياضية تحمل شعار النادي الأخضر، في التفاتة عبر من خلالها أن الرياضة المغربية لا تعكس الشغب والفوضى كما يظلمها قصار النظر.
منير أوك، عضو مؤسس للجمعية الرجاوية، أفاد بأن المبادرة التي تحرتها « Verde Passione » انتصرت لربوع مغربية تسقط من وارد الاهتمام متى حل فصل الشتاء، إذ غالبا ما تتجه الأنظار هناك نحو قمم الجبال والفجاج العميقة لتنزيل معاني الإنسانية على الأرض العالية، بينما يعاني، أيضا، الرحل في صمت في المنبسطة منها، ويكابدون شظف العيش تحت جنح البرد القارس بكل أنفة في انتظار أن يحل بين ظهرانيهم السياح الأجانب للتخفيف عنهم.
ولأن جائحة « كورونا » غرست مخالبها في القطاع السياحي الذي ضاع بحدة في المغرب المنسي، فقد ضاعت أماني الرحل في معانقة السياح، هذا العام والذي سبقه، ولذا كان « لزاما الالتفاف لهذه الفئة كواجب إنساني تتلاشى معه كل معاني التمييز بين المغاربة الذي يضمهم الوطن »، هكذا أردف المتحدث مع « منارة »، مشيرا إلى أن المشاركين في قافلة التضامن الرجاوية بذلوا الجهد والعرق بكل الأريحية الممكنة حتى يجعلوا من مبادرتهم بلسما لجراح نكأها البرد في مناطق يصعب العيش فيها.
القافلة انتهت، لكن المناظر التي عاينها المشاركون فيها فجعت قلوبهم، ما جعلهم يفكرون في طريقة لمد العون للفئات المعوزة والمهمشة التي يطويها النسيان في أغلب الأحيان، فقرروا إنشاء صندوق تضامني غايته لملمة الأموال لفائدة هؤلاء، وهي المبادرة التي قال منير أوك، إنها تمت بتشاور بين أعضاء الجمعية ولاقت استحسانا من محبي الرجاء الرياضي داخل المغرب وخارجه، حيث شرعت الأموال في التقاطر على الصندوق وقد بلغ حاليا 600 أورو.
المبلغ قد يبدو قليلا بلا شك.. لكنه مجرد قطرة وأول الغيث قطرة، كما يؤمن الإنسانيون.